الأديب: المؤسسة التعليمية هي الأقدر على الاستثمار في العقل البشري وصناعة الأوطان العظيمة

جامعة القاسم الخضراء   تاريخ نشر الموضوع 03/03/2013 اعلام جامعة القاسم الخضراء
جامعة القاسم الخضراء   2141 زائر شاهد هذا الموضوع على مستودع البيانات

قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الأديب، إن المعلمين والتدريسيين في العراق هم الأقدر على استثمار العقل البشري للأجيال العراقية وصناعة وطن عظيم يستحق ان يكون في المراتب الأولى من حركة التطور الإنساني، مؤكدا أن السنوات العشر التي تلت سقوط نظام البعث كانت فرصة كبيرة لاستعادة وهج المؤسسة التعليمية العراقية التي حاربها النظام الشمولي وأضرت بها الحروب والحصارات التي مرت بالعراق.

جاء هذا في كلمة وجهها الأديب لأعضاء الأسرة التعليمية بمناسبة عيد المعلم التي تصادف الأول من آذار من كل عام، وفيما يلي نص الكلمة. المعلم، وحلم صناعة وطن كبير بسم الله الرحمن الرحيم (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) صدق الله العظيم

قبل نحو 48 عاما، كنت على أعتاب أول ممارسة تدريسية شرعت بها بعد تخرجي من كلية التربية في جامعة بغداد، وتحديدا في العام 1965. حينها كان العمل التدريسي يمثل فرصة نادرة قليلا ما تتوفر لشاب في مقتبل العمر، لهذا كنت حريصا أن أعيش التجربة بكل تفاصيلها وإرهاصاتها، باعتبارها مثابة رئيسية مكنتني من أن أؤسس من خلالها، قاعدة العمل التربوي والاجتماعي والسياسي الذي سرت عليه خلال الأعوام اللاحقة. من خلال تجربة الأعوام الـ15 عاما التي أعقبت ذلك التاريخ، كان لي أن أحظى، بصفتي تدريسيا في العديد من مدن العراق، بأعظم فرصة للوصول الى جوهر المجتمع العراقي، والتعرف عن قرب الى الكثير مما يحيط بصناعة الإنسان، وصناعة الدولة التي يكون الإنسان فيها هو المحور، وهو الوجهة التي تسير باتجاهها وتقاد لخدمتها كل الثروات المعرفية والفكرية والمادية. وأقر هنا، في هذه الكلمة القصيرة التي اكتبها احتفاء بعيد المعلم الذي يصادف الأول من آذار مارس من كل عام، أن تجربتي في التعليم كانت الأساس الحقيقي لكل ما تلاه من تجارب سياسية وفكرية واجتماعية عشتها منذ ذلك التاريخ. وهو بلا شك، مبعث فخر كبير، أدين به للكثير من المعلمين والأساتذة الذين درسوني طالبا، والذين زاملوني تدريسيا، طوال المساحة الزمنية التي جمعتني بهم قبل تفرغي الكامل للعمل السياسي ضد النظام البعثي المستبد، مطلع عام 1980 في العراق الآن.

أخواتي إخوتي المعلمين والتدريسيين في كل مدن العراق الحبيب، ثمة حاجة كبرى لأن نستعيد وهج التجربة التعليمية الكبرى التي عشناها والتي حاربها نظام البعث المباد لمجرد أنها كان يرى في المعلمين وحملة الفكر الإنساني الحقيقي، خطرا على مخططاته باستعباد أجيال بكاملها في العراق.

وبقدر ما كانت تجربة السنوات العشر التي تلت سقوط هذا النظام مهمة وحيوية في مجال استعادة الأسرة التعليمية لفاعليتها التي كادت أن تتعثر جراء الحروب والحصارات القاسية التي مرت بالعراق، بقدر ما كانت هذه السنوات مليئة بالآمال والتطلعات العظيمة لعودة التعليم في العراق الى صدارة المشهد العربي مجددا. منذ قرابة سبعة آلاف عام، كان للإنسان العراقي أن يبتكر أول وسائل الاتصال البشري المكتوبة، وقبل نحو أربعة آلاف عام، تأسست على ثرى بلاد الرافدين أول مؤسسة تعليمية في تاريخ البشرية إبان قيام ونشوء حضارة اشنونا التي بقيت أطلالها حتى الآن، تحكي للعالم كله براعة الإنسان العراقي في تجاوز النكبات الحضارية التي تلم به في بعض المراحل التاريخية. وبوسعنا الآن جميعا، في هذا المقطع الزمني المهم في تاريخ العراق، ان نثبت للعالم مجددا بأننا ما زلنا شعبا حضاريا يمكن له أن يستعيد مكانته التي تليق به بين شعوب العالم.

لن يتحقق حلمنا الكبير هذا، إذا لم نقتنع نحن كأسرة تعليمية، بأن مهمتنا هي الأخطر والأكثر حيوية وفاعلية على طريق بناء الإنسان العراقي الجديد، وإذا لم نتشرب في كل أفكارنا ورؤانا حقيقة أن عملية الاستثمار في العقل البشري التي انيطت بنا كمعلمين وأساتذة جامعيين، هي أهم بكثير من الاستثمار في شتى قطاعات الحياة الأخرى.

يطيب لي هنا، أن أبارك لكم، ولي شخصيا، هذه المناسبة العظيمة التي يحتفي فيها العالم بأسره بالمعلم والمربي وصانع الأجيال. وأتطلع أن يعود علينا العام القادم وبلادنا تنعم بالخير والتقدم، وأسرتنا التعليمية ترفل النماء والخير والازدهار. وكل عام وانتم بألف خير، أساتذتي، وزملائي المعلمين في كل أرجاء عراقنا الغالي.

علي محمد الحسين الأديب / وزير التعليم العالي والبحث العلمي